في الذكرى الرابعة لإنتصار لبنان بمقاومته وشعبه وجيشه على العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 ، وفي ذروة التوتر الإقليمي والداخلي ، على الجبهات المتعددة، بانتظار استحقاقات مفصلية ، تمحو الإستحقاقات السابقة التي سعت لتغيير المنطقة باتجاه شرق أوسط جديد ،عبر إحتلال الأميركيين للعراق وتحولهم إلى قوة إقليمية ،لأول مرة منذ انتهاء الإنتدابين الفرنسي والإنكليزي في أربعينيات القرن الماضي.
وبعدما اعتمدت الإدارة الأميركية ، على الدعاية الإعلامية والـ CNN والتقارير الملفقة لترويج إشاعة سلاح الدمار الشامل في العراق ، لتأمين المبررات لاحتلاله، والتي اعترف كولن باول بأنها خدعة إعلامية مزورة ، ، وأعقبها الترويج لإشاعة الملف النووي الإيراني العسكري ، وتجاوز المفاعل النووي الإسرائيلي.
وبدأت الدعاية حول ( أسطورة القاعدة ) التي اخترعها الأميركيون و صارت (فوبيا القاعدة) حالة عالمية لتشويه الإسلام حضاريا ، وتحولت ( الشاشة ) إلى أخطر الأسلحة الحربية الحديثة والتي يفتقر إليها المستضعفون ، وبعد جريمة اغتيال الرئيس الحريري لعب الإعلام دورا أساسيا في قلب الحقائق ، وفبركة شهود الزور ، وكان الإعلام المقاوم والممانع قاصرا عن مجاراة الإعلام الآخر، وغير قادر على إحداث التوازن بين المعسكرين ، ونتيجة قوة الإعلام الأميركي وحلفائه ، فقد طمس الإنتصار اللبناني على إسرائيل ،والتي اعترفت به لجنة ( فينوغراد ) وأسمته ( إخفاقات ) وبقي الإعلام( السيادي) مصرا على عدم إنتصار المقاومة ....
لكن المقاومة استفادت من تجربة الآخرين ، ولأنها تجهد لصناعة المقاومة المتكاملة والشاملة فقد إعتمدت الإعلام المسؤول والصادق والمدعوم بالوثائق ، فكانت أولى خطواتها ، في حرب 2006 ،إبقاء ( شاشة المنار ) بعد تدميرها، مما وفر للمقاومة إمكانية التواصل مع جمهورها وإعطائه الجرعات المعنوية والأخبار الصحيحة ودحض الإعلام الإسرائيلي، بالإضافة إلى غزو الجمهور الإسرائيلي بالصور والأخبار الصادقة، مما زعزع الثقة بين جمهور الصهاينة وقياداتهم الذين تأثرت معنوياتهم ،فكانت إطلالات أمين عام حزب الله الدورية بمثابة الصليات المخترقة للعمق الإسرائيلي ، وتحولت الشاشة عبر لقطة البارجة ( ساعر ) إلى نقطة مفصلية، تدعمها مشاهد المجازر المدنية في الضاحية والجنوب ، وتغنيها صور الدبابات الإسرائيلية المحترقة والجنود القتلى والجرحى،مما حول هذه الشاشة وزميلاتها اللبنانية إلى سلاح جديد في الحرب الشاملة.
والآن تعود ( الشاشة ) سلاحا بوجه الحرب الناعمة قانونيا عبر القرار الظني، والتسريبات الإعلامية الغربية ، تقابلها المقاومة عبر السيد حسن نصر الله وإطلالاته التلفزيونية ، كجبهة متقدمة لممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس وبذات الأساليب مع خصوصية ( الصدق ) و ( المستند الصحيح ) والصورة الحقيقية ، وإحراج الخصم والتوازن معه بالتكنولوجيا والمعلوماتية ، وتعويض الفارق بالإمكانيات ، بالعقائدية الملتزمة والجريئة .
لقد استطاعت المقاومة الإثبات للمهزومين والخائفين في عالمنا العربي والإسلامي ، بالقدرة على المقاومة وإقلاق العدو ، بل وهزيمته وأن قوته ليست إلا أسطورة قيدنا بها أنفسنا ، قبل أن يعتقلنا الأخرون .
فهل يبادر المثقفون والكتاب والفنانون وأصحاب الرأي والقلم الحر إلى مساندة المقاومين في ثغورهم ،ويشاركونهم عبء المواجهة كل في موقعه ، لتأمين المقاومة الشاملة العسكرية والثقافية والاقتصادية والإعلامية لتثبيت الإنتصار الماضي ، وتأمين مقومات الإنتصار في الحرب القادمة التي ستقع لا محالة بعيدا عن تحديد المواقيت والجغرافيا ، فإسرائيل غدة سرطانية لا يمكن التعايش معها فإما أن نستأصلها لحماية الجسد العربي والإنساني ، أو تتفشى في منطقتنا وتهزمنا جميعا دولا وطوائف ومذاهب وأحزاب ... والخيار إما أن نكون عبيدا أو كراما في اوطاننا